دراسة حديثية تحليلية لحديث الرجل الذي أوصى بحرقه بعدموته

   الحمد لله الذي أنار سبيل المؤمنين بالقرآن والسنة، وجعلهما لمن تمسك بهما جُنَة وأوصل بهما سالكهما إلى الجَنَّة، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وحجة الله على الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه، ومن سلك نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
أمــــــا بعـــــــــد؛؛؛
حظيت السنة النبوية بعناية فائقة من قِبل علماء الإسلام على مر العصور، فلم يكتفوا بمجرد نقل الأحاديث، وروايتها بل تجاوزوا ذلك إلى دراستها دراسة نقدية تحليلية تشمل الإسناد والمتن على حد سواء، والوقوف على معاني الحديث، وأبعاده واستخلاص دلالاته، والنظر في سياقه وألفاظه ومقاصده، وربطها بمقاصد الشريعة وأصول العقيدة.
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتسلك هذا المسلك التحليلي بالوقوف على حديثٍ تضمن قضايا عقدية دقيقة، وهو حديث الرجل الذي أوصى بحرق جسده بعد موته، وتحليل مضامينه المتنية، إلى جانب دراسته الحديثية الإسنادية تأصيلاً وتطبيقاً.
 
يهدف البحث إلى بيان دلالات هذه القصة من الناحية العقدية والحديثية والفقهية، مع توضيح موقف هذا الرجل من توحيد الله، وتحليل أقوال العلماء في إيمانه وإثمه، وسبب مغفرة الله له رغم مابدر منه من ضعف في الاعتقاد.
وقد توصل البحث إلى أن هذا الرجل كان موحداً لله، لكنه وقع في نوع من الجهل بالله وصفاته، حيث ظن أن الله لا يقدر على جمعه بعد الحرق، وقد غفر الله له لصدق نيته وخوفه منه، وقد أكد العلماء أن الجهل قد يُعذر به صاحبه إذا كان ناتجًا عن ضعف علم لا عن عناد أو إصرار.
كما تناول البحث الجوانب الحديثية للروايات الواردة من حيث صحة الإسناد، واختلاف الروايات والجمع بينها.
وتطرق كذلك إلى الفوائد العقدية والتربوية المستفادة من الحديث، مثل أثر الخوف من الله، وعظمة مغفرته، وضرورة تعظيم صفات الله عزوجل