سَلْبُ مَعَانِي الْأَسَالِيب وَالصِّيَغِ فِي النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ الْحَكِيمِ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

كلية دار العلوم جامعة القاهرة

المستخلص

غيرُ خافٍ أن النَّظْمَ الْقُرْآنِيَّ الْحَكِيمَ نسق لغويٌّ فَذٌ, لا ينفَدُ سَيْبُه, ولا يَنْضُبُ شِرْبُهَ, ليس لمعانيه انتهاء, ولا لعطائه فناء, معينُهُ ثَرٌّ, لا يبلى على كثرة الرَّدِّ, وليس بصحيح أن الدراساتِ النحويةَ الخاصة به قد نضَبَتْ؛ فما زال يُلقي ثمراتِه كل حينٍ على الباحثين فيه بإتقان, ويفيض بتجلياته الجمالية والجلالية على كل المتدبِّرين بإمعان, والمتأملين في معانيه بإنعام نظر, وإعمال فكر؛ لِأنه " لَا يَجْتَمِعُ فَهْمُ الْقُرْآنِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْحُطَامِ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ أَبَدًا"
بتأمُّلٍ واصب, وتدبُّرٍ لاحب في النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ الْحَكِيمِ ألفيتُ كثيرا ممَّا لم يُبَوِّبْه النحاة, أو ما لم يدرجوه منسوقًا ضمن أبواب النحو والصرف؛ لِكَوْنِهِ شذراتٍ مبثوثةً, رغم أنه من الأهمية بمكان؛ وذلك لقوة آصرته بالْمُعْتَقَدِ, وشدة علاقته بمسائل التوحيد, وَمتانة صلته بِالفقه وَحُدُودِ اللهِ.
نجد بعض الأساليب النحوية الثابتة في العقل النحوي الضابط الحاكم ورادةً على معناها الأصلي في موضع, وفي آخر نجدها مسلوبة هذا المعنى النحوي القارَّ, وقد يَستعمل في موضع ما صيغةً, ثم يعدل عنها في موضع آخرَ إلى أخرى حسب مقتضيات السياق والدلالة؛ مِمَّا يجعل اللغوي في نصَبٍ وحيرة, والنحويَّ في عَنَتٍ ومشقة؛ من أجل الوصول إلى مُسَوِّغٍ أو تخريجٍ أوفقَ وتفسيرٍ أوجهَ وتأويل أنسبَ وأقربَ إلى مُراد مُنْزِلِ الكتاب- جَلَّ فِي عُلَاهُ!- وهذا النوع وفيرٌ غَزِيرٌ في النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ الْحَكِيمِ إلى جنب ما قد ذكره الإمام علي بن أبي طالب أنه " لا ينبغي للقرآن أن يُهَاجَ, وهذا عندي معناه لا ينبغي أن يُبَدَّلَ"( ).

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية